يدٌ كانت خلف كل إنجاز..

بسم الله الرحمن الرحيم
 
بعد اختياري لدراسة نظام المقررات في المرحلة الثانوية.. كان هذا النظام يشترط علينا تنفيذ مشاريع دراسية، إما مشتركة أي أنها لجميع المواد، أو مشروع مفرد لكل مادة.. مرّ المستوى الأول بمشاريع عادية، وفي ختام هذا المستوى كان هُناك معرض المشاريع الذي يقام في نهاية كل فصل دراسي لعرض المشاريع المشتركة للطالبات.. لفت نظري مشروع كان فيه منفعة كبيرة لطالبات الصف الثالث ثانوي، كان المشروع عبارة عن ملزمة تم إعدادها من قبل مجموعة طالبات للاختبار التحصيلي.. تفَكرتُ في عظم الأجر الذي سيكتبه الله لهنّ بإذن الله، فهنّ قد جمعنّ بين إعداد مشروع يخدمهنّ في موادهنّ الدراسية، وبين توريث علم نافع تنتفع به دُفعات بعدهنَ بإذن الله.. كانت فكرتهنّ ملهمة بالنسبة لي لأبدأ مشروعي في المستوى الثاني.. كان هدفي من هذا المشروع منفعة الطالبات اللاتي يصغرنني بالمرحلة الدراسية، بأي تجربة قد خضتها ونجحت فيها.. فكان أول مشروع يستهدف طالبات الصف الثالث متوسط عن اختبار مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة، وحيث كان نظام المقررات يشترط علينا وجود قائدة من المعلمات للمنافسة في معرض المشاريع.. مشروعي كان بلا قائدة في أول فصل دراسي
 
في المستوى الثالث.. انتقلتُ لمدرسة جديدة وانتقل مشروعي معي، في ذلك الفصل الدراسي قررت أن يكون لمشروعي قائدة لأدخل بهِ منافسة معرض المشاريع.. فاخترت إحدى المعلمات، وقبل المعرض بأسبوع واحد فقط، قررت هذه المعلمة ألا تتحمل مسؤولية مشروعي لأن الإدارة كلفتها بعمل إداري وهي غير قادرة على المشاركة في معرض المشاريع.. ولم تخبرني إلا في آخر أسبوع! كان شعور لن أستطيع وصفه، فتعب ترم كامل لن يُعرض بسبب عدم اهتمام هذه المعلمة.. ومن المستحيل أن تقبل معلمة أخرى أن تكون قائدة لهذا المشروع في آخر أسبوع من الفصل الدراسي، قررت أن أكمل المشروع كما بدأ.. بلا قائدة، فلم أكن استشعر أهمية وجود القائدة.. بل أصبحت فكرتي أن قائدة المشروع هي السبب الأول لتدمير المشروع.. من تجارب بعض الزميلات أيضاً..
لولا أن مرّت أمامي معلمة الفيزياء متوجهة لقاعتها الدراسية، وبدأت أتذكر كلامي عن هذه المعلمة و وصفي لها عند والدتي، فقد كنت أصفها بالجدية، الذكاء، والأهم من هذا كله الإخلاص.. ألهمني الله أن أدخل خلفها للقاعة، واسألها عن رغبتها في أن تكون قائدة لمشروعي أو لا.. فكان جوابها فوراً :" لي الشرف"
 
كانت تلك اللحظة هي بداية انطلاق أجمل انجازاتي في المرحلة الثانوية.. مشروعي
مشروعي الذي أعطاني الكثير بعد توفيق الله.. أكثر مما أعطيته
كان شغف بالنسبة لي.. كانت غرفتي تكاد تنفجر من الأوراق والملفات الخاصة بهذا المشروع
كنت استعد له قبل أن يبدأ الفصل الدراسي، استمتع بكل لحظة عمل إن كانت لمشروعي
كل شخص ساعدني في هذا المشروع حتى لو كانت مساعدته مجرد كلمة لطيفة، أو دعوة صادقة.. هو اليوم من أعز الناس على قلبي
فما بالك بقائدة، تألق مشروعي الذي كنت أنام واستيقظ أفكر به.. من تحت يديها!
 ابتدأ مشروعي مع القائدة الجديدة باسم طموح يعلو السحاب.. لن أنسى أيام الاستعداد له
قررنا استضافة إحدى الشخصيات الملهمة لتكون مصدر إلهاماً للطالبات،
ليلة المشروع.. لم أستطع النوم حتى ساعة واحدة.. فكان كل تفكيري في الغد.. كيف سيكون!
والحمد لله كان أجمل من توقعاتي بكثير..
في الفصل الدراسي الذي يليه، تم تكريم هذا المشروع بالمركز الأول على مستوى مشاريع المدرسة من بين أكثر من 20 مشروع.
 
في نفس هذا الفصل الدراسي "المستوى الرابع" تأهلت في حملة "فيك نفتخر" والتي تهتم بتكريم الفتيات المنجزات على مستوى الشرقية، كان أول اسم ذكرته بعد أمي.. قائدتي; التي رأت إنجازاتي النور بعدما عرفتها..
كان هذا المستوى حافزاً لي لأن ابدأ خطوة جديدة من سلسلة مشروعي هذا، فكان المستوى الخامس بداية انطلاق مشروعي "خطوة" والذي يهتم بطالبات الصف الثالث ثانوي..
المختلف في هذا الفصل الدراسي، أن المشروع لم يكن اهتمامي الوحيد، فقد التحقت بدورة خاصة بـ"الأردوينو" وهي قطعة يتم تركيبها باستخدام مقاومات واضاءات وأسلاك، ثم ترجمتها عن طريق الحاسب الآلي.. فكانت قائدة مشروعي "معلمة الفيزياء" أول داعم لي، كنت أتعلم معلومات في المساء، وتسمعها مني في الصباح.. لم يكن أحد يهتم بتلك الأشياء المعقدة التي أهتم بها.. وكالاستثناء الذي حصل في المستوى الرابع عندما كانت المعلمة التي استقبلت مشروعي بصدر رحب، ها هي من جديد تدعمني في اهتماماتي الجديدة، أرى في عينيها نظرات فخر لم أرها بغيرها من الناس..
 
هذا المستوى، كنت أنتظره من ثلاثة أعوام.. حيث كنت أنتظر الصف الثالث ثانوي لأشارك بجائزة الشيخ حمدان للتميز على مستوى الخليج العربي، الإنجازات كلها كانت جاهزة، الشهادات، والملف.. لم ينقصني حينها إلا معلمة مشرفة على الملف..
مشرفة الموهوبات لم تكن مستعدة لتشرف على ملفي، والمشرفة الأخرى أيضاً كانت مشغولة بمسابقات أخرى "أهم"
ولأني لا أستطيع المشاركة في هذه المسابقة دون إشراف قوي من مشرفات الموهوبات، حيث أنها مسابقة على مستوى الخليج.. قررت الانسحاب، وفعلاً انسحبت.. إلى أن عرضت عليّ قائدة مشروعي أن تساعدني هي في ترتيب الملف، وطلبت مني أن أكمل في المنافسة، تم ترتيب الملف في أقل من أسبوع، وإرساله إلى إشراف منطقة الخبر ليتم بعد ذلك إرساله لإشراف الدمام ثم وزارة التربية والتعليم في الرياض ثم بعد ذلك إلى دولة الإمارات.. وفي وقت التصفيات التي كانت على مستوى المملكة.. كانت الصدمة الكبيرة، أن إشراف الخبر قاموا بإرسال ملفي إلى المدرسة لإجراء بعض التعديلات.. ولكن المدرسة لم تخبرني!
كنت أنتظر مكالمة من الوزارة تخبرني بأنه تم إرسال ملفي إلى الرياض، ولكن الصدمة أن ملفي كان في المدرسة منذ أسبوعين حتى انتهى وقت المسابقة، لم أشعر باليأس تماماً، ما زال هناك أمل عندي.. فقد ذهبت لإشراف الدمام بنفسي، وحاولت إرسال ملفي.. ولكن التصفيات على مستوى المملكة قد انتهت، والملفات تم إرسالها لدولة الإمارات في نفس اليوم الذي ذهبت به..
"الزبدة": كلمة المشرفة عن هذه المسابقة في إشراف الدمام ما زالت ترن في أذني "لو أن هالملف راح كان راح يأخذ المركز الأول" شهادتها لملفي، حيث مرت عليها مئات الملفات.. جعلتني اعتبر نفسي فائزة في تلك المنافسة، وما زلت كلما رأيت هذا الملف، أحمل في قلبي شعور امتنان عظيم، لقائدة الإلهام.. التي وللمرة المليون.. عندما تخلى الجميع، دعمتني هي!
 
أما بالنسبة لمشروعي خطوة، فقد أصبح هذه المرة على مستوى منطقة الخبر وليس مستوى المدرسة فحسب..
كانت قاعة الفيزياء هي مقر مشروعي، والتي ضمّت أجمل ذكرياتي، لحظات الاستعداد
كنت استشيرها في أبسط التفاصيل، وحتى إن لم استشرها، كانت هي تهتم في أدق التفاصيل
"يا فجر لازم يكون كل شي كامل ما نبي ولا خطأ" كانت ترددها عندما أشعر بالملل من الاهتمام في أدق الأمور.
تم إكمال المشروع حتى المستوى السادس "ترم التخرج" وفي هذا الفصل الدراسي أصبح للمشروع شراكات مع مدارس من مختلف مناطق المملكة العربية السعودية كالرياض وتبوك.. كان المشروع حائز على المركز الأول على مستوى المدرسة مثل الذي الفصل الذي قبله، وأيضاً وصلتنا دعوة لعرض هذا المشروع على مستوى منطقة الخبر..
 
أولمبياد الفيزياء، الاختبار التحصيلي، ..... والكثييير من الأشياء التي كانت بها هي الداعم "الوحيد" من المدرسة..
ليس على نطاق المدرسة وحسب، بل حتى في اختياري للتخصص الجامعي، واكتشاف ميولي..
كانت يدٌ معطاءة، وسبب لكل نجاح..
لهذا هي أكثر معلمة أعترف بفضلها العظيم علي بعد الله.. ليس في المرحلة الثانوية، ولا الجامعية، بل ما حييت!
أ.منال العيسى، المعلمة الصادقة بعطائها، المتفانية في عملها، المخلصة بشرحها..
معلمة الفيزياء المتميزة، ومسؤولة الإرشاد الأكاديمي، قائدة مشروعي.. وقائدة الإلهام خلف كل نجاح!
لم يكن منهجها الثقيل، أو عملها في الإرشاد الأكاديمي، أو حتى قيادتها لمشروعي.. عائقاً لها أن تكون داعمة معطاءة في كل شيء!
 
 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

للأطباء المُقبلين على السنة الأولى في البورد السعودي لطب الأسرة، وأطباء الإمتياز المُهتمين بتخصص طب الأسرة..

مدرسة شرق لتعليم قيادة المركبات

جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل (الدمام)، وجامعة الملك فيصل، الفرق بين تجرتين ثريتين! (تدوينة للطلبة الراغبين بالتحويل)