أنت البياض..
كأي إنسان يتقلب مزاجه بين الحين والآخر، كان يوم أمس الأثنين يومًا طويلًا بالنسبة لي.. تسائلت فيه مرات عديدة، ما الذي يدفعني للإستمرار؟ أن تكون إنسانًا معطاءً، يعني أنك تعمل ساعات طويلة، بل عمرًا كاملًا، ثم تلفت فجأة.. وترى أنك لا تمتلك شيء! فلا يوجد شيء من ممتلكاتك يخصك وحدك، حتى وقتك وجهدك، بل حتى مشاعرك.. كلها تعودّت مشاركتها.. أن يسكن العطاء فيك يعني أن تأخذ جزءًا من عمرك، تقدمه لأشخاص آخرين، ويكفيك كل هذا العناء ابتسامة من أحدهم، أو دعوة من آخر.. اليوم الثلاثاء كانت المرة الأولى التي أفحص بها مريضًا حقيقيًا، منذ أول لحظة دخلت فيها إلى المستشفى.. كنت اتأمل الأسرّة البيضاء، تلك الأسرّة التي تعودت تأملها منذ أيام الثانوية.. تلك الأسرّة التي تصوّرها وتصوّر من عليها كان الدافع الأول لإلتحاقي بهذا المجال، ولكن هذه المرة كنت اتأملها بعين أخرى.. لم أعد أنظر لتلك الأسرّة كأمنية أن أقف بجانبها، هذه المرة كنت أنظر لهذا السرير على أنني "فعلًا" سأقف بجانبه بعد دقائق أمام مريض حقيقي قد يكون هذا اليوم من أسوء الأيام في حياته كلها.. يجب أن أكون حريصه على كل كلمة، لطيفة بكل ت...